تَضِيقُ بِنَا الدُّنْيَا إِذَا غِبْتُمُ عَنَّا
وَتَذْهَبُ بِالأَشْوَاقِ أَرْوَاحُنَا مِنَّا
فَبُعْدُكُمُِ مَوْتٌ وَقُرْبُكُمُ حَيَا
فَإِنْ غِبْتُمُ عَنَّا وَلَوْ نَفَساً مُتْنَــــــا
نَمُوتُ بِبُعْدِكُمُ وَنَحْيَا بِقُرْبِكُمْ
وَإِنْ جَاءَنَا عَنْكمْ بَشِيرُ اللِّقَا عِشْنَا
وَنَحْيَا بِذِكْرِكُمُ إِذَا لَمْ نَرَاكُمُ
أَلاَ إِنَّ تِذْكَــــــــــارَ الأَحِبَّةِ يُنْعِشْنَا
فَلَوْلاَ مَعَانِيكُمْ تَرَاهَا قُلوبُنَا
إِذَا نَحْنُ أَيْقَاظٌ وَفِي النَّوْمِ إِنْ غِبْنَا
لمَتُنْنَا أَسىً مِنْ بُعْدِكُمْ وَصَبَابَةً
وَلكِنَّ فِي المَعْنى مَعَانِيكُمْ مَعْنَا
حَرِّكُنَا ذِكْرُ الأَحَادِيثِ عَنْكُمُ
وَلَوْلاَ هَوَاكُمْ فِي الْحَشَا مَاتَحَـــــــرَّكْنَا
فَقُلْ لِلَّذي يَنْهَى عَنِ الْوَجْدِ أَهْلَهُ
إِذَا لَمْ تَذُقْ مَعْنى شَرَابِ الْهَوى دَعْنَا
إِذَا اهتَزَّتِ الأَرْوَاحُ شَوْقاً إِلى اللِّقَا
تَرَقَّصَتِ الأَشْبَاحُ يَا جَاهِلَ الْمَعْنى
أَمَا تَنْظُرُ الطَّيْرَ الْمُقَفَّصَ يافَتى
إِذَا ذَكَرَ الأَوْطَانَ حَنَّ إِلى الْمَغْنى
يُفَرِّجُ بِالتَّغْرِيدِ مَا بِفُؤادِهِ
فَتَضْطَرِبُ الأَعْضَاءُ فِي الْحِسِّ وَالْمعْنى
وَيَرْقًُصُ فِي الأَقْفاصِ شَوْقاً إِلى اللِّقَا
فَتَهْتَزُّ أَرْبَابُ الْعُقُولِ إِذَا غَنّى
كَذلِكَ أَرْوَاحُ الْمُحِبِّينَ يَا فَتى
تُهَزِّزُهَا الأّشْوَاقُ لِلْعَالَمِ الأَسْنى
أَنُلْزِمُهَا بِالصَّبْرِ وَهْيَ مَشُوقَةٌ
وَهَلْ يَسْتَطِيعُ الصَّبْرَ مَنْ شَاهَدَ الْمَعْنى
إِذَا لَمْ تَذُقْ مَا ذَاقَتِ النَّاسُ فِي الْهَوى
فَبِاللهِ يَا خَالِي الْحَشَا لاَ تُعنِّفْنَا
وَسَلِّمْ لَنَا فِيمَا ادَّعَيْنَا لأَنَّنَا
إِذَا غَلَبَتْ أَشْوَاقُنَا رُبَّمَا صِحْنَا
وَتَهْتَزُّ عِنْدَ الإِسْتِمَاعِ قُلُوبُنَا
إِذَا لَمْ نَجِدْ كَتْمَ الْمَوَاجِيِدِ صَرَّحْنَا
وَفِي السِّرِّ أَسْرَارٌ دِقَاقٌ لَطِيفَةٌ
تُرَاقُ دِمَانَا جَهْرَةً إِنْ بِهَا بُحْنَا
فَيَا حَادِيَ الْعُشَّاقِ قُمْ وَاحْدُ قَائِماً
وَزَمْزِمْ لَنَا بِاسْمِ الْحَبِيبِ وَرَوِّحْنَا
وَصُنْ سِرَّنَا فِي سُكْرِنَا عَنْ حَسُودِنَا
وَإِنْ أَنْكَرَتْ عَيْنَاكَ شَيْئاً فَسَامِحْنا
فَإِنَّا إِذَا طِبْنَا وَطَابَتْ عُقُولُنَا
وَخَامَرْنَا خَمْرُ الْغَرَامِ تَهَتَّكْنَا
فَلاَ تَلُمِ السَّكْرَانَ فِي حَالِ سُكْرِهِ
فَقَدْ رُفِعَ التَّكْلِيفُ في سُكْرِنَا عَنَّا