السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ان أساس الاسلام هو توحيد الله عز وجل وافراده بالعبادة
كلكم يعرف قصة ابونا آدم وسبب نزوله الى الارض بعد ما أغواه الشيطان وزين
له عصيان امر ربه حيث اكل من الشجرة التى نهاه الله عز وجل عنها
وبعد ذلك تاب آدم وندم وقبل الله توبته ولكن امره ان يهبط من الجنة هو
وابليس واخبره أن ابليس عدو له و انه سيرسل لهم الرسل فمن أطاع الرسل فقد
أطاع الله ومن عصى الرسل فقد كفر بالله
واستمر الناس على دين ابوهم آدم الى عهد قوم نوح عليه السلام حيث كان فيهم
رجال صالحين وكانوا من أهل العلم والتقوى فكتب الله على هؤلاء العلماء
الصالحين الموت فحزن قوم نوح عليه السلام لفراق علمائهم حزناً شديداً
وتشاور القوم فيما بينهم وقالو نصنع لهم تماثيل تذكرنا بهم لكى لا ننساهم
ولكى نتذكر العلم والتقوى ونتذكر الله عز وجل كلما ممرننا بهم وكانوافي
البداية يعبدون الله ولا يعبدون هذه التماثيل ومع مرور الاجيال أصبح القوم
يعظمون هذه التماثيل ويهتمون بها اهتماماً كبيراً ويعظمونها حتى جاء اليوم
الذى أصبح فيه الناس يتقربون الى هذه التماثيل بأنواع العبادات التى كانت
لله وحده مثل الدعاء والخوف والرجاء وطلب الغوث والخير ودفع الشر
وهذا مصداق لقوله تعالى ( لا تتبعوا خطوات الشيطان)
فأرسل الله نوح عليه السلام يدعوا قومه لترك عبادة الاصنام والعودة لعبادة الله وحده
مع العلم أن القوم كانوا إذا سألهم نوح عليه السلام عن الله قالوا كما قص
علينا الله في القرآن ( ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله )
وقال تعالى (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ
وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى
يُؤْفَكُونَ)
ولكن في نفس الوقت كانو كما قال تعالى ( إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ )
والسؤال لماذا يستكبرون وهم يعرفون ان الله هو الخالق الرازق المسيطر
الجواب لانهم يعرفون ان معنى لا اله الا الله اى لا معبود بحق الا الله
وكذلك معناها إفراد الله بالعبادة
لادعاء لغير الله ولا ذبح لغير الله ولا حكم الا لله
وهذا يعني ترك التقرب للاصنام بهذه العبادات والقربات
وكذلك جميع الرسل بعد نوح عليه السلام كلهم أرسلهم الله عز وجل ليدعوا اقوامهم لعبادة الله ويحذروهم من صرف شئ من العبادة لغير الله
قال تعالى {ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت}
وقال تعالى (رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ )
والعبادة التى امر الله بها هى اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الاقوال والافعال الظاهرة والباطنة وهى غاية الحب مع غاية الذل
والعبادات كثيرة ومن انواعها مثل الاسلام والايمان والاحسان
هذه هى العبادة التى امر الله بها
والطاغوت الذى امرنا الله ان نكفر به هو كل ما يُعبد من دون الله
ولذلك أوثق الايمان الكفر بالطاغوت والايمان بالله كما قال تعالى (فمن يكفر
بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لاانفصام لها والله سميع
عليم)
قال ابن كثير رحمه الله
وقوله " فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا
انفصام لها والله سميع عليم " أي من خلع الأنداد والأوثان وما يدعو إليه
الشيطان من عبادة كل ما يعبد من دون الله ووحد الله فعبده وحده وشهد أن لا
إله إلا هو " فقد استمسك بالعروة الوثقى " أي فقد ثبت في أمره واستقام على
الطريقة المثلى والصراط المستقيم
وقال رحمه الله
ومعنى قوله في الطاغوت إنه الشيطان قوي جدا فإنه يشمل كل شر كان عليه أهل
الجاهلية من عبادة الأوثان والتحاكم إليها والاستنصار بها . وقوله " فقد
استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها " أي فقد استمسك من الدين بأقوى سبب
وشبه ذلك بالعروة الوثقى التي لا تنفصم هي في نفسها محكمة مبرمة قوية
وربطها قوي شديد ولهذا قال " فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها "
الآية قال مجاهد : العروة الوثقى يعني الإيمان وقال السدي : هو الإسلام
وقال سعيد بن جبير والضحاك : يعني لا إله إلا الله وعن أنس بن مالك العروة
الوثقى القرآن وعن سالم بن أبي الجعد قال هو الحب في الله والبغض في الله
وكل هذه الأقوال صحيحة ولا تنافي بينها